للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحبه ويحمده ويثني عليه.

ومن أجل ذلك كان الشرك أبغض الأشياء إليه؛ لأنه ينقص هذه المحبة، ويجعلها بينه وبين من أشرك به، ولذا لا يغفر الله أن يشرك به؛ لأن الشرك يتضمن نقصان هذه المحبة، والتسوية فيها بينه وبين غيره.

ولا ريب أن هذا من أعظم ذنوب المحب عند محبوبه التي يسقط بها من عينه، وتنقص بها مرتبته عنده إذا كان من البشر، فكيف يحتمل رب العالمين أن يشرك بينه وبين غيره في المحبة.

والمخلوق لا يحتمل ذلك ولا يرضى به، ولا يغفر هذا الذنب لمحبه أبداً، وعساه أن يتجاوز لمحبه عن غيره من الهفوات والزلات في حقه.

ومتى علم سبحانه بأنه يحب غيره كما يحبه لم يغفر له هذا الذنب، ولم يقربه إليه، هذا مقتضى الطبيعة والفطرة.

أفلا يستحي العبد أن يسوي بين إلهه ومعبوده وبين غيره في هذه العبودية والمحبة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥].

والله عزَّ وجلَّ يحب نفسه أعظم محبة، ويحب من يحبه ويطيعه ويعبده، وخلق خلقه لأجل ذلك، وشرع شرائعه وأنزل كتبه لأجل ذلك، وأعد الثواب والعقاب لأجل ذلك.

وهذا محض الحق الذي قامت به السموات والأرض، وكان الخلق والأمر، فإذا قام به العبد فقد قام بالأمر الذي خُلق له، فرضي عنه خالقه وبارئه وأحبه، وإذا صدف عن ذلك وأعرض عنه، وأبق عن مالكه وسيده، أبغضه ومقته؛ لأنه خرج عما خلق له، وصار إلى ضد الحال التي هو لها.

فاستوجب منه غضبه بدلاً من رضاه، وعقوبته بدلاً من رحمته.

والأسباب الجالبة لمحبة الله لعبده هي:

قراءة القرآن وسماعه بالتدبر .. والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض .. ودوام

<<  <  ج: ص:  >  >>