ذكره على كل حال .. وإيثار محابه على محاب النفس .. مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها .. فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محاله .. ومشاهدة بره وإحسانه وآلائه .. ورؤية نعمه الظاهرة والباطنة .. وانكسار القلب بين يديه سبحانه .. والخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل لمناجاته وتلاوة كلامه .. والتلذذ بمناجاته ثم استغفاره .. وحضور مجالس الذكر .. ومجالسة المحبين الصادقين.
والقرآن والسنة مملوآن بذكر من يحبه الله سبحانه من عباده المؤمنين، وذكر ما يحبه من أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم.
كقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)} [البقرة: ٢٢٢].
وقوله سبحانه: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)} [آل عمران: ١٤٦].
وقوله سبحانه: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)} [آل عمران: ١٣٤].
وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [آل عمران: ١٥٩].
وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)} [التوبة: ٤].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ» متفق عليه (١).
والمحبة على ثلاث درجات:
الأولى: محبة تقطع الوساوس، وتلذ الخدمة، وتسلي عن المصائب.
فالوساوس والمحبة متناقضان، فإن المحبة توجب ذكر المحبوب، والوساوس تقتضي غيبته عنه، حتى توسوس له نفسه بغيره، والمحب يلتذ بخدمة محبوبه، فيرتفع عن التعب الذي يراه الخلي في أثناء الخدمة.
والمحبة تسلي عن المصائب فإن المحب يجد في لذة المحبة ما ينسيه المصائب التي يصيبه بها حبيبه.
هي محبة تنبت من مطالعة العبد منة الله عليه، ورؤية نعمه الظاهرة والباطنة،
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٨٦١)، ومسلم برقم (٧٨٢)، واللفظ له.