للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قلة صبر المحب عن المحبوب، فينصرف صبره إلى الصبر على طاعته، والصبر عن معصيته، والصبر على أحكامه.

ومنها الإسراع إليه في السير .. ومنها محبة أحباب محبوبه ..

ومنها الإقبال على حديثه .. وإلقاء سمعه كله إليه ... فإن أعوزه حديثه بنفسه فأحب شيء لديه الحديث عنه .. ومنها غيرته على محبوبه ... وغيرته لمحبوبه .. ومنها حب الوحدة والأنس بالخلوة به .. ومنها خضوعه لمحبوبه .. ومنها هجر كل سبب يقصيه عن محبوبه .. وارتياحه لكل سبب يدنيه من محبوبه. ومنها بذل كل ما يملك في سبيل مرضاة محبوبه كما قال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات: ١٥].

وتنقسم المحبة باعتبار الباعث عليها إلى قسمين:

أحدهما: محبة تنشأ من الإحسان ومطالعة الآلاء والنعم.

الثاني: محبة تنشأ من جمال المحبوب وكمال أسمائه وصفاته.

فأما الأول: فإن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، ولا أحد أعظم إحساناً من الله سبحانه، فإن إحسانه على عبده في كل نَفَسٍ ولحظة، وهو يتقلب في إحسانه في كل أحواله.

ولا سبيل إلى ضبط أجناس هذا الإحسان فضلاً عن أنواعه، ويكفي أن من بعض أنواعه نعمة النَّفَسِ التي لا تكاد تخطر ببال العبد، فإنه يتنفس في اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفس، فلله عليه في كل يوم وليلة أربعة وعشرون ألف نعمة، وكل نعمة تحتاج إلى شكر.

فإذا كان هذا أدنى نعمة عليه، فما الظن بما فوق ذلك وأعظم منه؟ {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)} [النحل: ١٨].

هذا إلى جانب ما يصرف عن العبد من المضرات وأنواع المؤذيات التي تقصده، ولعلها توازن النعم في الكثرة، والعبد لا شعور له بأكثرها أصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>