للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسمائه وصفاته وأفعاله إلا ما أطلعهم الله عليه عن طريق رسله، وكتبه المنزلة.

ولا أحد من الخلق يعلم شيئاً من العلم إلا بتعليم الله لهم، ولهذا قالت الملائكة: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)} [البقرة: ٣٢].

وقال عزَّ وجلَّ لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣)} ... [النساء: ١١٣].

وعلمُ الله تبارك وتعالى كامل لا يعتريه نقص أبداً، مطلق لا يحده شيء، واسع شامل لكل شيء، محيط بجميع المخلوقات في الأرض والسماء، لايعزب عنه مثقال ذرة: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧].

وهو سبحانه بكل خلق عليم، لا يشغله علم عن علم، كما لا يشغله سمع عن سمع، وأنى للبشر مثل هذه الصفات، فهم يولدون جهلة لا يعلمون شيئاً، ثم يتعلمون شيئاً فشيئاً: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨)} ... [النحل: ٧٨].

وجميع المعلومات التي علمها الله بني آدم لو أعطيت لشخص، ثم كان البشر كلهم على مثل علم ذلك الشخص، لكان هذا العلم كله كالذرة بالنسبة للعلم الإلهي الواسع الشامل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)} [الإسراء: ٨٥].

فالخلق لا يعلمون شيئاً إلا ما أذن الله لهم أن يعلموه، وهو وحده سبحانه الذي له الكمال المطلق، والعلم المطلق، وقد وهب الله سبحانه المعرفة للإنسان منذ أراد إسناد الخلافة إليه في الأرض، وعلمه الأسماء كلها، ووعده بأن يريه آياته في الآفاق والأنفس، وكل ما يلزم له في خلافة الأرض كما قال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)} ... [فصلت: ٥٣].

والله حكيم عليم، فبقدر ما أذن الله للإنسان في شيء من العلم، وكشفه له، وأطلعه عليه، بقدر ما زوى عنه أبواباً من العلم، وأسراراً أخرى، لا حاجة له بها

<<  <  ج: ص:  >  >>