فزوى عنه سر الحياة .. وسر الموت .. وسر الروح .. وسر العقل .. وسر الساعة .. وسر اللحظة القادمة .. وسر الخلق .. وكل ذلك غيب لا سبيل إليه .. والستر المسدل دونه كثيف .. لا يستطيع الإنسان رفعه أو كشفه .. فلا يعلمه إلا الله الذي أحاط بكل شيء علماً .. وعنده علم كل شيء: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)} ... [لقمان: ٣٤].
والله سبحانه له مع الخلق العظيم، والهيمنة التامة، له العلم الشامل اللطيف، المحيط بكل شيء، فهو الذي: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤)} [الحديد: ٤].
ففي كل لحظة يلج في الأرض بأمر الله ومشيئته ما لا عداد له ولا حصر من شتى أنواع الأحياء والحبوب والأشياء، ولا يعلم ذلك كله إلا الله وحده.
وفي كل لحظة يخرج من الأرض ما لا عداد له ولا حصر، من خلائق لا يعلمها إلا الله وحده من النباتات والأشجار والحيوان والمعادن والمياه والغاز.
وفي كل لحظة ينزل من السماء من الأمطار والأشعة والشهب والملائكة والأقدار والأسرار والأوامر وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله وحده.
وفي كل لحظة يعرج فيها من المنظور والمستور، والملائكة والأرواح وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله وحده.
والله سبحانه محيط بكل شيء، عليم بكل أحد، فهو مع كل أحد، مطلع على ما يعمل الخلق، بصير بالعباد، لا يخفى عليه شيء من أمرهم: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧)} [المجادلة: ٧].
إن هذه حقيقة مؤنسة من جانب .. مذهلة مرهبة من جانب آخر.
مذهلة بروعة جلال الرب، مؤنسة بظلال القربى، وهي كفيلة حين يحسها