فينبغي للعارف أن لا يحب إلا الله، إذ الإحسان من غيره محال، وإحسان الناس من إحسان الله عزَّ وجلَّ.
والمحسن في نفسه وإن لم يصل إليك إحسانه محبوب في الطباع، فكيف إذا كان محسناً إليك وإلى كافة الخلق.
وهذا يقتضي حب الله تعالى غاية المحبة، وحُبّ ما يحب، بل يقتضي أن لا يحب غيره، فإنه سبحانه هو المحسن إلى الخلق كافة بإيجادهم وتكميلهم بالأعضاء والأسباب وغير ذلك من النعم التي لا تحصى، فكيف يكون غيره محسناً، وذلك المحسن حسنة من حسنات المحسن سبحانه.
وكل من كان متصفاً بصفات الجلال والجمال كالقوة والرحمة وغيرهما، أو كان منزهاً عن الصفات الرذيلة، فإن ذلك يوجب له المحبة.
فصفات الأنبياء والصديقين الذين تحبهم القلوب طبعاً ترجع إلى علمهم بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وإلى قدرتهم على إصلاح نفوسهم وتزكية قلوبهم.
وإذا نسبت هذه الصفات إلى صفات الله عزَّ وجلَّ وجدتها مضمحلة بالنسبة لصفات الله سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته.
أما العلم فإن علم الأولين والآخرين من علم الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علماً، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ونسبة علمهم إلى علمه سبحانه كذرة من جبل، أو قطرة من بحر، بل أقل، وأما صفة القدرة، فالله على كل شيء قدير، وإذا نسبت قدرة الخلق كلهم إلى قدرته تعالى وجدت أن ذلك قطرة من بحر، بل أقل.
فإن أعظم الأشخاص قوة، وأوسعهم ملكاً، وأقواهم بطشاً، قدرته محدودة، وهو مع ذلك لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
بل لا يقدر على حفظ عينه من العمى، ولا على حفظ لسانه من الخرس، ولا