للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن من أحب الله فإنه يتبع رسوله فيما جاء به، فيفعل ما أمر به، ويجتنب ما نهى عنه، ويتخلق بأخلاقه، ويتأدب بآدابه.

ومنها أن المحبين لله يكونون أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله بالنفس والمال واليد واللسان، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، فلا يؤثر فيهم إزدراء الناس لهم، ولومهم إياهم كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)} [المائدة: ٥٤].

ومنها حب لقاء الله تعالى في الجنة، فمن أحب محبوباً أحب لقاءه، وهذا لا ينافي كراهة الموت.

ومنها أن يكون مؤثراً لما يحبه الله على ما تحبه نفسه.

ومنها أن لا يعصي الله، ومن أحب الله فلا يعصه، إلا أن العصيان لا ينافي أصل المحبة، إنما يضاد كمالها، وسببه أن المعرفة قد تضعف، والشهوة قد تغلب، فيعجز عن القيام بأصل المحبة.

ومنها أن يداوم على ذكر الله، لا يفتر عنه لسانه، ولا يخلو عنه قلبه.

ومن اجتمعت فيه علامات محبة الله فقد تمت محبته، وصفا في الآخرة شرابه، ومن امتزج بحبه حب غير الله تنعم في الآخرة بقدر حبه، فيمزج شرابه بشيء من شراب المقربين كما قال سبحانه: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)} [المطففين: ٢٢ - ٢٦].

فقابل الخالص بالصرف. ثم قال: {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨)} [المطففين: ٢٧، ٢٨].

فقابل المشوب بالمشوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>