نوع يخرج العبد عن كونه مطيعاً كمن زاد في الصلاة ركعة عمداً، أو سعى بين الصفا والمروة عشراً عمداً ونحو ذلك.
ونوع يخاف منه الانقطاع كقيام الليل كله، والجور على النفوس في العبادات والأوراد، وسرد صيام الدهر أجمع.
وهذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا .. ويسروا وأبشروا .. وأملوا ما يسركم من ربكم.
الثانية: تعظيم الحكم الكوني القدري.
فالأولى تتضمن تعظيم الحكم الديني الشرعي، وهذه تتضمن تعظيم الحكم الكوني القدري.
فكما يجب على العبد أن يراعي حكم الله الديني بالتعظيم، فكذلك يراعى حكم الله الكوني بالتعظيم.
وتعظيمه بأن لا يرى فيه عوجاً، ولا يطلب له عوجاً، بل يراه كله مستقيماً؛ لأنه صادر عن عين الحكمة، فلا عوج فيه.
فكل ما يجري في الكون من الحركات والسكنات، والطاعات والمعاصي، والخير والشر، كله بقضاء الله وقدره.
لكن القضاء غير المقضي، فالقضاء فعله ومشيئته، والمقضي فعله المباين له، المنفصل عنه، وهو المشتمل على الخير والشر، والعوج والاستقامة.
فقضاؤه سبحانه كله حق، والمقضي منه حق، ومنه باطل.
وقضاؤه كله عدل، والمقضي منه عدل، ومنه جور.
وقضاؤه كله مرضي، والمقضي منه مرضي، ومنه مسخوط.
وقضاء الله وقدره وحكمه الكوني لا يناقض دينه وشرعه وحكمه الديني بحيث تقع المدافعة بينهما؛ لأن هذا مشيئته الكونية، وهذا إرادته الدينية، ومن تعظيمهما الانقياد لهما، فهما وصفان للرب سبحانه.