فأمره الشرعي وقدره الكوني سواء، أمره لا يبطل قدره، وقدره لا يبطل أمره، ولكن يدفع ما قضاه وقدره بما أمر به وأحبه، وهو أيضاً من قضائه.
فما دُفع قضاؤه إلا بقضائه وأمره، وما نفذ المطيع أمر الله إلا بقدر الله، ولا دفع مقدور الله إلا بقدر الله وأمره.
ومن تعظيمه أن لا يرضى العبد بعوض يطلبه بعمله، فإنه يشاهد جريان حكم الله عليه، وعدم تصرفه في نفسه، وأن المتصرف فيه حقاً هو مالكه الحق سبحانه.
فهو سبحانه الذي يقيمه ويقعده، ويقلبه ذات اليمين وذات الشمال، وإنما يطلب العوض من غاب عن الحكم، وذلك مناف لتعظيمه.
الثالثة: تعظيم الرب سبحانه.
الحق الذي له الخلق والأمر، والتي قبلها تتضمن تعظيم قضائه لا مقضيه، والأولى تتضمن تعظيم أمره.
وتعظيم الحق سبحانه أن لا تجعل دونه سبباً، فهو الذي يوصل عبده إليه، فلا يوصل إلى الله إلا الله، ولا يقرب إليه سواه، ولا يدني إليه غيره، ولا يتوصل إلى رضاه إلا به، ولا هدى إليه سواه.
وكذلك لا ترى لأحد من الخلق حقاً على الله، بل الحق لله على خلقه، فهو الذي خلقهم ورزقهم وهداهم وأبقاهم.
وأما حقوق العباد على الله تعالى من إثابته لمطيعهم، وتوبته على تائبهم، وإجابته لسائلهم، فتلك حقوق أحقها الله سبحانه على نفسه بحكم وعده وإحسانه، لا أنها حقوق أحقوها هم عليه.
فالحق في الحقيقة لله على عبده، وحق العبد عليه هو ما اقتضاه جوده وبره وإحسانه إليه بمحض جوده وكرمه سبحانه.
ومن تعظيمه عزَّ وجلَّ أن لا ينازع العبد له اختياراً، فإذا اختار لك أو لغيرك شيئاً إما بأمره ودينه .. وإما بقضائه وقدره، فلا تنازع اختياره، بل ارض باختيار ما