الأول: الإيمان والتقوى، التقوى التي تبلغ أن توفي بحق الله الجليل، التقوى الدائمة المستمرة حتى يبلغ الكتاب أجله كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)} [آل عمران: ١٠٢].
الثاني: الأخوة في الله على منهج الله، والتعاون لتحقيق منهج الله، بالاعتصام بحبل الله، لا بأي حبل من حبال الجاهلية الكثيرة كما قال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)} [آل عمران: ١٠٣].
وبهذين الأمرين تحقق الأمة وجودها، وتؤدي دورها وفق مراد ربها، وبدون ذلك يكون تجمعها جاهلياً يمزق الأمة، ويفسد الأخلاق، ويعبث في حياة الأمة بلا منازع.
والحياة البشرية لا تستقيم إلا إذا تلقت العقيدة والشعائر والشرائع من مصدر واحد، يملك السلطان على القلوب والأبدان، ويملك السلطان على الظواهر والبواطن، ويملك السلطان على الحركة والسلوك.
ويجزي الناس وفق شرائعه في الحياة الدنيا، كما يجزيهم وفق حسابه في الآخرة، وذلك لا يكون إلا لله وحده لا شريك له.
وإنما تشقى البشرية وتفسد حياتها وتضطرب أحوالها حين تتوزع السلطة، وتتعدد مصادر التلقي.
حين تكون السلطة لله في القلوب والشعائر، بينما السلطة لغيره في الأنظمة والشرائع.
حين تكون السلطة لله في جزاء الآخرة، بينما السلطة لغيره في عقوبات الدنيا. وبمثل هذا تفسد الحياة، وتتمزق النفس البشرية بين سلطتين مختلفتين، فيحصل التصادم بين أوامر الله، وأهواء البشر.