والشيطان لما كفر واستكبر وترك مسئوليته صار أكبر مضل ومفسد في العالم، فاستحق الطرد والإبعاد واللعنة والعذاب الأليم.
فكل من ترك مسئوليته من البشر صار من أتباع الشيطان .. يتعلم الضلال .. ويعمل بالضلال .. ويدعو إلى الضلال والنار. كما قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} [فاطر: ٦].
والعقل حين ينعزل عن منهج الله بعيداً عن الوحي فإنه حينئذ يتعرض للضلال والإنحراف وسوء الرؤية وفساد العمل.
فيرتاد التجارب، ويغير الأحكام، ويتخبط ذات اليمين وذات الشمال، وهو في ذلك كله يحطم كائنات بشرية عزيزة، ويدمر أجهزة إنسانية كريمة.
ولو اتبع الوحي الإلهي لكفى البشر هذا الشر كله، وجعل التجارب والتقلبات في الأشياء والآلات، وهي مجاله الطبيعي، والخسارة في النهاية مواد وأشياء لها أنفس وأرواح.
فالعقل وحده قاصر يتقلب ويضطرب تحت ضغط الشهوات والأهواء، فلا بدَّ له من ضابط آخر يضبطه ويحرسه ويرجع إليه وهو الوحي.
فالعقل يضل .. والفطرة وحدها تنحرف .. ولا عاصم لعقل ولا لفطرة إلا أن يكون الوحي هو الرائد الهادي .. فهو النور الذي يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم كما قال سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} [الأنعام: ١٥٣].
والدين يأتي في حياتنا بقدر التضحية من أجله بالأنفس والأموال، والشهوات والأوقات، والأوطان.
فنضحي بالدنيا من أجل الدين .. وبالشهوات من أجل الأعمال .. والله يرضى عنا بقدر قوة الدين في حياتنا.