للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنسان آفته: إما من عدم الهداية .. وإما من عدم التوكل.

فإذا جمع مع الهداية التوكل فقد جمع الإيمان كله.

والناس في التوكل متفاوتون:

فمن متوكل على الله في حصول الملك .. ومن متوكل على الله في حصول رغيف .. ومن متوكل عليه في جلب مصلحة دينية أو دنيوية .. أو دفع مفسدة دينية أو دنيوية.

ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله.

فإن كان محبوباً لله مرضياً له كانت له فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطاً مبغوضاً كان ما حصل له بتوكله مضرة عليه.

وإن كان مباحاً حصلت له مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه، إلا إذا استعان به على طاعته.

والتوكل عمل القلب، وعلم القلب بكفاية الرب للعبد، وانطراح القلب بين يدي الرب يقلبه كيف يشاء.

والمتوكل من رضي بالله وكيلاً، ورضي بكل ما يفعل الله، وتعلق بالله في كل حال.

والتوكل: أن لا يظهر في العبد انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقته إليها، ولا يزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفه عليها.

والتوكل على الله لا ينافي القيام بالأسباب، فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها، وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد.

والتوكل حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكسب سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته، فمن طعن في الحركة فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان.

والتوكل درجته أن يكون بعد التقوى التي هي القيام بالأسباب المأمور بها، فحينئذ إن توكل على الله فهو حسبه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>