للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣].

فالتوكل هو التسليم لأمر الرب وقضائه مع فعل ما أمر به، والتفويض إليه في كل حال، وقطع علائق القلب بغير الله.

وسر التوكل:

هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها، كما لا ينفعه قوله توكلت على الله مع اعتماده على غيره وركونه إليه.

فتوكل اللسان شيء، وتوكل القلب شيء آخر، فقول العبد توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره مثل قوله تبت إلى الله وهو مصر على معصيته مرتكب لها.

والتوكل من أقوى الأسباب في حصول المتوكل فيه، فهو كالدعاء الذي جعله الله سبباً في حصول المدعو به.

فإن قيل: المتوكل فيه المدعو بحصوله إن كان قد قدَّر حصل، توكل أو لم يتوكل، دعا أو لم يدعُ؟.

وإن لم يقدَّر لم يحصل، توكل أو لم يتوكل، ولو ترك العبد التوكل والدعاء ما فاته شيء مما قدِّر له؟.

فيقال: بقي قسم ثالث وهو الواقع، وهو أن يكون قد قضى الله بحصول الشيء عند وجود سببه من التوكل والدعاء، فنصب سبحانه التوكل والدعاء سببين لحصول المطلوب، وقضى الله بحصوله إذا فعل العبد سببه، فإذا لم يفعل السبب لم يحصل.

كما قضى سبحانه بحصول الشبع إذا أكل، وحصول الري إذا شرب، فإن لم يفعل لم يشبع ولم يرو، وقضى بحصول الولد إذا جامع الرجل المرأة، فإن لم يجامع لم يخلق الولد، وقضى بطلوع الحبوب التي تزرع بشق الأرض، وإلقاء البذر فيها، فإذا لم يفعل ذلك لم يحصل إلا الخيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>