وكذلك لو لم تزرع وطمعت أن يخلق الله تعالى نباتاً من غير بذر، أو تلد الزوجة من غير وقاع، فكل ذلك جنون وجهل بسنة الله، وليس من التوكل.
وإنما التوكل أن تعتمد على الله في كل شيء، وتباشر الأسباب التي أمر الله بها ببدنك.
والثاني: أسباب ليست متيقنة كمن يسافر بغير زاد متوكلاً على الله، فهذا مجرب على الله، وفعله منهي عنه، وحمله للزاد مأمور به.
الثاني: في التعرض للأسباب بالادخار، ومن وجد قوتاً حلالاً يشغله كسب مثله عن جمع همه فادخاره إياه لا يخرجه عن التوكل.
الثالث: مباشرة الأسباب الدافعة للضرر، فليس من التوكل ترك الأسباب الدافعة للضرر، فلا يجوز النوم في أرض مسبعة، أو مجرى السيل، أو تحت جدار خراب، فكل ذلك منهي عنه.
ولا ينقض التوكل لبس الدرع، وإغلاق الباب، وشد البعير بالعقال، ويتوكل في ذلك كله على المسبب لا على السبب، ويكون راضياً بكل ما يقضي الله عليه.
ومتى عرض له أنه إذا سرق متاعه أنه لو احترز لم يسرق، أو أخذ يشكو ما جرى عليه فقد بان أن توكله مدخول، وأنه بعيد عن التوكل.
الرابع: السعي في إزالة الضرر كمداواة المريض ونحو ذلك.
فالسبب المزيل للضرر إما مقطوع به كالماء المزيل لضرر العطش، والخبز المزيل لضرر الجوع، فهذا تركه ليس من التوكل في شيء، بل تركه جنون وسفه.
وإما أن يكون السبب مظنوناً كالفصد والحجامة، وشرب المسهل ونحو ذلك فهذا لا يناقض التوكل.
وقد تداوى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بالتداوي.
وإما أن يكون السبب موهوماً كالكي والرقية زمن العافية لئلا يمرضوا، فهذا ينافي التوكل، وإنما تكون الرقية والكي بعد المرض.