ودواء مرض الكبر بـ: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} [الفاتحة: ٥].
فإذا عوفي العبد من مرض الرياء بـ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، ومن مرض الكبرياء والعجب بـ: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}، ومن مرض الضلال والجهل بـ:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٦]، فقد عوفي من أمراضه وأسقامه، ورفل في أثواب العافية، وتمت عليه النعمة، وكان من المنعم عليهم، الذين عرفوا الحق واتبعوه، غير المغضوب عليهم، وهم أهل فساد القصد كاليهود الذين عرفوا الحق وعدلوا عنه، والضالين، وهم أهل فساد العلم كالنصارى الذين جهلوا الحق ولم يعرفوه، فهم يعمهون في الضلال.
فالذين كملت نعم الله عليهم هم الذين جمعوا بين معرفة الحق لذاته، والخير لأجل العمل به وهم المؤمنون.
فإن اختل قيد العمل فهم الفسقة وهم المغضوب عليهم كاليهود، وإن اختل قيد العلم فهم الضالون كالنصارى.
ولا يمكن للعبد أن يعبد ربه إلا بتوفيقه وعونه، فلا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله.
فالله وحده خالق كل شيء، وبيده كل شيء، وإلقاء الداعية في القلب، وإزالة الدواعي المعارضة لها ليست إلا من الله تعالى، ولا معنى للإعانة إلا ذلك.
والاستعانة هي طلب العون من الله تبارك وتعالى.
ويطلب من المخلوق ما يقدر عليه من الأمور.
وكل عبد مجبول على أن يقصد شيئاً ويريده، ويستعين بشيء ويعتمد عليه في تحصيل مراده، وصلاح العبد في عبادة الله والاستعانة به، ومضرته وهلاكه وفساده في عبادة غير الله والاستعانة بما سواه.
والإنسان ضعيف عاجز محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات.
فمن حقق الاستعانة بالله في ذلك كله أعانه الله، ومن ترك الاستعانة بالله