للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى قدراته هو، وكأنه استغنى عن الله الذي خلقه، وساق إليه المطر، وأوصله إليه، وأعطاه العلم ليبني السد ويحفظ الماء فيه.

وماذا يغني السد لو حبس الله المطر؟.

وماذا يغني السد لو ملأه الله بالماء الملح الأجاج الذي لا يقبله نبات، ولا حيوان، ولا إنسان؟.

ألا ما أجهل الإنسان .. وما أشد غروره .. كلما زاده الله نعمة ازداد بها غروراً وطغياناً: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق: ٦، ٧].

إن الله تبارك وتعالى كلما كشف للبشر من العلم ليعطيهم حياة أيسر وأفضل ابتعد هؤلاء الناس عن الله، وانشغلوا بالمخلوق عن الخالق، وبالنعمة عن المنعم، ونسوا أن الذي أعطاهم السمع والبصر والعقل، هو الذي أعطاهم العلم، وهو الذي أعطاهم النعم.

إن العبد كلما ذكر الله كان الله معه يعينه، ويفتح له الطريق، ويحفظه من الشر، ويذلل له العقبات، ويدله على الخير، كما أمر الله موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام أن يذهبا إلى فرعون ذاكرين لله بقوله {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} [طه: ٤٢ - ٤٤].

فلما قالا: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥)} [طه: ٤٥].

قال الله لهما: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦].

والإنسان عندما يعتاد دوام ذكر الله في كل أحيانه، ويذكر الله عند كل عمل، فإنه لا يمكن أن يبدأ بمعصية.

فلا يسرف، ولا يزني، ولا يشرب الخمر، ولا يقتل، ولا يسرق.

فما دام ذكر الله على لسانه فإنه يمنعه من المعاصي، وهو سد منيع بينه وبين الآثام، ولذلك أمرنا الله بذكره في جميع الأحوال والأوقات.

وإذا تعودت ذكر الله في كل عمل استحييت أن تبدأ عملاً يغضب الله؛ لأنك لا

<<  <  ج: ص:  >  >>