للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبدأ باسم الله إلا فيما أجازه الله، أو أباحه الله، أو أوجبه الله.

والله سبحانه يريد بالتسمية قبل كل سورة في القرآن (بسم الله الرحمن الرحيم) أن يذكرنا دائماً أن ندخل عليه متوكلين عليه، معتمدين على رحمته لا على عملنا، فالإنسان مهما عمل .. ومهما اجتهد .. ومهما بذل وأعطى .. ومهما نصح .. فلا يخلو عمله من شائبة.

فإن تكلم فقد ينم ويغتاب .. وإن حكم فقد يظلم .. وإن عمل فقد يقصر، والإنسان خلق ظلوماً جهولاً، وخلق خطاءً، ولولا رحمة الله ما بقيت لنا نعمة: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤)} [إبراهيم: ٣٤].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يُدْخِلَ أحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّة» قَالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ» متفق عليه (١).

إن الذين يبذلون أقصى جهدهم في طاعة الله لا يصلون إلى مرتبة الكمال، وحسبهم أن يقاربوا، فالكمال لله وحده، والإنسان ظلوم كفار، وإن عمل فهو خطاء كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» أخرجه الترمذي وابن ماجه (٢).

والشيطان يريد ويحاول أن يقعد بالإنسان عن الصراط المستقيم، وأن يمنعه من طاعة الله، والنفس تأمره بالسوء.

ولذلك كان لا بدَّ من باب الرحمة يدخل منه البشر إلى الله سبحانه، وأن يكون الباب مفتوحاً على مدى الزمن يهرع إليه كل عبد، وكل عاص، وكل تائب.

وكم من الكفار والعصاة الذين فتح الله لهم باب رحمته فتابوا إلى الله، فقبل توبتهم، وحسن إسلامهم، وأصبحوا من أئمة هذا الدين: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٦٧٣)، ومسلم برقم (٢٨١٦)، واللفظ له.
(٢) حسن: أخرجه الترمذي برقم (٢٤٩٩)، صحيح سنن الترمذي رقم (٢٠٢٩).

وأخرجه ابن ماجه برقم (٤٢٥١)، وهذا لفظه، صحيح سنن ابن ماجه رقم (٣٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>