للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٧)} [غافر: ٧].

والله تبارك وتعالى خلق الخلق لعبادته وذكره، ومعرفته بأسمائه وصفاته، وأمرهم بذلك، فمن أطاع فهو من المفلحين، ومن عصى فهو من الخاسرين.

قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢].

وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)} [الأحزاب: ٤١، ٤٢].

وذكر الله ليس باللسان فقط، إنما هو شعور بجلال الله ورقابته، والتأثر بهذا الشعور تأثراً ينتهي إلى الطاعة في حده الأدنى، وإلى رؤية الله وحده يخلق ويرزق، ويحيي ويميت، ويعز ويذل، ويكرم ويهين، فمن وهبه الله هذا ذاق حلاوة الإيمان، وتلذذ بذكر ربه.

والشكر لله درجات تبدأ بالاعتراف بفضله، والحياء من معصيته، وتنتهي بالتجرد لشكره في كل حركة بدن، وفي كل لفظة لسان، وفي كل خفقة قلب، وفي كل خطرة جفان.

ومن قصر في الذكر والشكر انتهى به ذلك إلى الكفر والعياذ بالله.

ولقد ذكر المسلمون الأوائل ربهم وشكروه فذكرهم ورفع ذكرهم، ومكنهم من القيادة الراشدة، ثم نسوه فإذا هم همل ضائع، وذيل تافه، لا ذكر لهم في الأرض، ولا في الملأ الأعلى، ولا عند المولى، ومن ذكر الله ذكره، والوسيلة قائمة: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (١٥٢)} [البقرة: ١٥٢].

ولكي يؤثر ذكر الله في القلب لا بدَّ عند الذكر من ثلاثة أشياء:

أحدها: فراغ القلب من كل شيء سوى الله، كما قال سبحانه: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)} [الشرح: ٧، ٨].

الثاني: التبتل وهو الانقطاع إلى الله، والانفصال بالقلب عن الخلائق كما قال سبحانه: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨)} [المزمل: ٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>