والمحمود كالصبر على أنواع الطاعات، والصبر عن ما نهى الله عنه من الأقوال والأعمال، والصبر على أقدار الله.
وهذا النوع متعلقاته كثيرة، وله ارتباط بمقامات الدين من أولها إلى آخرها، وله مراتب وأسماء بحسب متعلقه:
فإن كان صبراً عن شهوة الفرج المحرمة سمي عفة، وضدها الفجور والزنى والعهر.
وإن كان صبراً عن شهوة البطن، أو تناول ما لا يجمل منه سمي عفة، وإن كان عن فضول العيش سمي زهداً، وإن كان على قدر من العيش يكفيه سمي قناعة، وإن كان صبراً عن إجابة داعي الغضب سمي حلماً.
وإن كان صبراً عن إجابة داعي العجلة سمي وقاراً.
وإن كان صبراً عن إجابة داعي الفرار والهروب سمي شجاعة.
وإن كان صبراً عن إجابة داعي الانتقام سمي عفواً وصفحاً.
وإن كان صبراً عن إجابة داعي الإمساك والبخل سمي جوداً.
فللصبر عند كل فعل وترك اسم يخصه بحسب متعلقه، والاسم الجامع لذلك كله الصبر.
والصبر والتصبر والاصطبار أسماء تختلف معانيها بحسب حال العبد مع نفسه ومع غيره.
فإن حبس نفسه ومنعها من إجابة داعي ما لا يحسن إن كان خلقاً له وملكة سمي صبراً، وإن كان بتكلف وتجرع لمرارته سمي تصبراً، وإذا تكلفه العبد صار سجية له، ومن يتصبر يصبره الله.
وأما المصابرة فهي مقاومة الخصم في ميدان الصبر.
فالصبر حال الصابر في نفسه .. والمصابرة حاله في الصبر مع خصمه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)} [آل عمران: ٢٠٠].