للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً.

وأما الصبر على الأوامر والنواهي فصبر الرسل وأتباعهم، وأعظمهم اتباعاً أصبرهم في ذلك.

وكل صبر في محله وموضعه أفضل.

فالصبر عن الحرام في موضعه أفضل .. والصبر على الطاعة في محلها أفضل .. والطاعات ترفع الدرجات .. والمصائب تحط السيئات.

والصبر قسمان:

قسم مذموم .. وقسم محمود.

فالمذموم: الصبر عن الله وعن إرادته ومحبته وسير القلب إليه، وهذا يتضمن تعطيل كمال العبد بالكلية، وهذا كما أنه أقبح الصبر فهو أعظمه وأبلغه، فإنه لا صبر أبلغ من صبر من يصبر عن محبوبه الذي لا حياة له بدونه البتة.

فالصبر عن الله جفاء، ولا جفاء أعظم ممن صبر عن معبوده وإلهه ومولاه الذي لا مولى له سواه.

وأما الصبر المحمود فنوعان:

صبر بالله .. وصبر لله.

فالأول: كقوله سبحانه: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧].

والثاني: كقوله سبحانه: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٨].

فيصبر مستعيناً بالله من أجل مرضاة الله.

وكل إنسان لا بدَّ أن يصبر على بعض ما يكره إما اختياراً وإما اضطراراً.

فالكريم يصبر اختياراً لعلمه بحسن عاقبة الصبر، وأنه يحمد عليه، ويذم على الجزع، وأن المقدر لا حيلة في دفعه، وما لم يقدر لا حيلة في تحصيله.

فإذا كان آخر الأمر الصبر، فما أحسن أن يستقبل الأمر في أوله بما يستدبره الأحمق في آخره.

وأما اللئيم فإنه يصبر اضطراراً، فالكريم يصبر في طاعة الرحمن، واللئيم يصبر

<<  <  ج: ص:  >  >>