وليس المراد بالعداوة هنا عداوة البغضاء والمحادة، بل إنما هي عداوة المحبة الصادة للآباء عن الهجرة والجهاد، وتعلم العلم، والصدقة، وغير ذلك من أمور الدين، وأعمال البر المختلفة.
وأما النوع الثاني المخالف للهوى فلا يخلو:
إما أن يرتبط باختيار العبد كالطاعات والمعاصي .. أو لا يرتبط أوله باختياره كالمصائب، أو يرتبط أوله باختياره، ولكن لا اختيار له في إزالته بعد الدخول فيه.
فأما ما يرتبط باختياره وهو جميع أفعاله:
فأما الطاعة فالعبد محتاج إلى الصبر عليها؛ لأن النفس بطبعها تنفر عن كثير من العبودية؛ لما في طبعها من الكسل وإيثار الراحة، والميل إلى الشهوات، ومخالطة أهل الغفلة والشح والبخل.
فلا يكاد العبد يفعلها مع هذه الأمور، وإن فعلها مع ذلك كان متكلفاً، فيحتاج العبد هاهنا إلى الصبر على الطاعات قبل الشروع فيها بتصحيح النية والإخلاص، وتجنب دواعي الرياء والسمعة، وعقد العزم على إعطاء العبادة حقها.
ويصبر بعد الشروع فيها عن دواعي التقصير والتفريط فيها، وعلى حضور القلب بين يدي المعبود، وأن لا ينساه في أمره.
فليس الشأن في فعل المأمور فقط، بل الشأن كل الشأن أن لا ينسى الآمر حال الإتيان بأمره، بل يكون مستصحباً لذكره في أمره.