الرابع: مقام الشكر، وهو أعلى من مقام الرضا، فإنه يشهد البلية نعمة، فيشكر المبتلى عليها.
وأما النوع الثاني، وهو ما أصابه من قبل الناس فله فيه ما سبق، ويضاف إليها أربعة أخر:
أحدها: مقام العفو والصفح.
الثاني: مقام سلامة القلب من إرادة التشفي والانتقام، وفراغه من ألم مطالعة الجناية في كل وقت.
الثالث: شهود القدر، وأنه وإن كان ظالماً بإيصال هذا الأذى إليك، فالذي قدره عليك وأجراه على يد هذا الظالم ليس بظالم.
وأذى الناس مثل الحر والبرد لا حيلة في دفعه، فالكل جار بقدر الله وإن اختلفت طرقه وأسبابه.
الرابع: مقام الإحسان إلى المسيء، ومقابلة إساءته بإحسانك، وفي هذا المقام من الفوائد والمصالح ما لا يعلمه إلا الله.
القسم الثالث: ما يكون وروده باختياره، فإذا تمكن منه لم يكن له اختيار ولا حيلة في دفعه كالتعرض لأسباب الأمراض والآلام التي لا حيلة في دفعها بعد مباشرة أسبابها كشرب المسكرات، وتناول المخدرات، وأكل السموم ونحو ذلك.
فهذا كان فرضه الصبر عنه في أوله، فلما فاته بقي فرضه الصبر عليه في آخره، وأن لا يطيع داعي نفسه وهواه.
والدواء النافع لهذا الداء وغيره الصبر والتقوى كما قال سبحانه: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٨٦)} [آل عمران: ١٨٦].
فإذا صبر لله تعالى، وندم على ما تعاطاه من السبب المحظور، أثيب على صبره؛ لأنه جهاد منه لنفسه، وهو عمل صالح يؤجر عليه.
وأما عقوبته على ما تولد منه فإنه يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه كما