للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لأحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَاّ بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟» قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، «قَالَ: فَإِنَّ الله قَدْ حَرَّمَ بَيْنَكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، (قَالَ: وَلَا أَدْرِي قَالَ: أَوْ أَعْرَاضَكُمْ أَمْ لَا) كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَبَلَّغْتُ؟» قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» أخرجه أحمد (١).

والناس من آدم، وآدم خلق من تراب، فلا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، والتقوى مبنية على أصلين:

الصبر .. والشكر .. وكل من الغني والفقير لا بدَّ له منهما، فمن كان صبره وشكره أتم كان أفضل، فأتقاهما لله في وظيفته ومقتضى حاله هو الأفضل.

فإن الغني قد يكون أتقى لله في شكره من الفقير في صبره، وقد يكون الفقير أتقى لله في صبره من الغني في شكره.

والفقراء وإن كانوا يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، فهذا لا يدل على فضلهم على الأغنياء في الدرجة وعلو المنزلة، وإن سبقوهم بالدخول إلى الجنة.

فقد يتأخر الغني والسلطان العادل في الدخول لحسابه، فإذا دخل الجنة كانت درجته أعلى ومنزلته أرفع كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» أخرجه مسلم (٢).

وقد جمع الله سبحانه لرسوله بين المقامين: الصبر والشكر على أتم الوجوه،


(١) صحيح: أخرجه أحمد برقم (٢٣٤٨٩)، انظر السلسله الصحيحة رقم (٢٧٠٠).
(٢) أخرجه مسلم برقم (١٨٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>