فيشغل ويحلي كل عضو بما خلق له من الطاعات، ويحفظه من المعاصي.
ثم يواصل ترغيبها في العبادات التي تتكرر في اليوم والليلة، فرضها ونفلها، بالاستكثار منها، وحسن أدائها، والمواظبة عليها حتى تتعود النفس على ذلك.
وعلى الإنسان أن يراقب نفسه قبل العمل، وأثناء العمل، هل حركه عليه هوى النفس أو الرياء، أو المحرك له هو الله تعالى، فإن كان الله أمضاه وهذا هو الإخلاص، وإن كان لغيره تركه.
وقد خلق الله تبارك وتعالى النفس أمارة بالسوء، ميالة إلى الشر، وقد أمرنا الله بتزكيتها وفطامها لتكون مطمئنة عابدة لربها.
ومن محاسبة النفس وعظها وتذكيرها بما ينفعها، وزجرها عما يضرها كأن يقول لها:
يا نفس .. أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة، ولا يتوقف على سن دون سن، وكل ما هو آت قريب، فمالك لا تستعدين للموت وهو قريب؟
يا نفس .. أما تعلمين أنك صائرة إلى الجنة أو النار، فكيف يلهو من لا يدري إلى أيتهما يصير، وربما اختطف في يومه أو غده؟.
يا نفس .. إن كانت جرأتك على معصية الله لاعتقادك أن الله لا يراك، فما أعظم كفرك، وإن كنت تعلمين أنه يراك فما أشد جهلك، وما أقل حياءك.
يا نفس .. إن كان المانع لك من لزوم الاستقامة حب الشهوات فاطلبي الشهوات الباقية الصافية من الكدر.
يا نفس .. ألم الصبر عن الشهوات أشد وأطول أم ألم النار في الدركات؟
يا نفس .. جوار رب العالمين لا يعدله جوار، فاعملي في أيام قصار لأيام طوال، واخرجي من الدنيا خروج الأحرار، قبل أن يكون خروج اضطرار.
واعلمي أن من كانت مطيته الليل والنهار سير به وإن لم يسر.
وكل فساد في الدنيا إنما يحصل حينما لا يتوقع الفرد أو المجتمع حساباً، أما إذا توقع المجتمع حساباً فهنا ينتظم الأمر، وتصلح أحوال الأمة.