وهو لا يشعر، مفتون بثناء الجهال عليه، مغرور بقضاء الله حوائجه وستره عليه.
وكذلك على العبد أن يميز بين منَّة الله عليه، وبين حجة من الله عليه.
فكل قول، أو عمل، أو مال، أو علم، أو فراغ، أو جهد، أو ثناء اقترن به رضا الله وطاعته، واشتغال بما يحبه ويرضاه، فهو منَّة من الله، وإلا فهو حجة من الله عليك.
الثاني: أن يميز العبد بين ما للحق عليه من وجوب العبادة، وفعل الطاعات، واجتناب المعاصي، وبين ماله وما عليه، فعليه حق، وله حق، ولا بدَّ من إعطاء كل ذي حقه حقه.
الثالث: أن يعرف الإنسان أن كل طاعة رضيها الله منه فهي عليه.
فجهل الإنسان بنفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله، وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به يتولد منهما رضاه بطاعته، وإحسان ظنه بها، ويتولد من ذلك العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة من الزنى وشرب الخمر ونحوهما.
وأرباب العزائم وأهل البصائر أشد ما يكونون استغفاراً عقيب الطاعات، بشهودهم تقصيرهم فيها، وعدم القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه.
وأنه لولا الله لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده، فالنفس مأوى كل عيب وشر، وعملها عرضة لكل آفة ونقص، ولكن الله يعفو ويضاعف ويرحم، ويجزي على العمل القليل الأجر الكثير، وهو الجواد الكريم.
والتاجر يحسب كل يوم كم كسب؟ وكم خسر؟ وكم استهلك؟
وذلك ليضمن بقاء ماله ونمو تجارته.
وهكذا كل مؤمن ينبغي أن يحاسب نفسه، فإن كانت طاعاته أكثر من معاصيه فعليه أن يحمد الله، ويستمر في الطاعة، ويزيدها وينوعها ويحسنها، لتكون مقبولة موفورة.