وإن قام بقلبه شاهد من الإلهية رأى في ذلك الشاهد الأمر والنهي، والأنبياء والكتب، والشرائع، والمحبة والرضا، والثواب والعقاب.
ورأى الأمر نازلاً ممن هو مستو على عرشه، وأعمال العباد صاعدة إليه، ومعروضة عليه.
يجزي على الإحسان إحساناً، ويضاعف الأجور والحسنات، ويكسو وجوه أوليائه نضرة وسروراً، وكل ما لم يكن على وفق أمره وشرعه من الأقوال والأعمال يجعله هباءً منثوراً كما قال سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].
وإن قام بقلبه شاهد من الرحمة رأى الوجود كله قائماً بهذه الصفة، قد وسع من هي صفته كل شيء رحمة وعلماً، وبلغت رحمته إلى حيث بلغ علمه.
فاستوى جل جلاله على عرشه بأوسع صفاته وهي الرحمة، لتسع كل شيء كما وسع عرشه كل شيء كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥].
وإن قام بقلبه شاهد العزة والكبرياء والعظمة والجبروت، فله شأن آخر، فيرى ربه مستوياً على عرشه، عزيزاً في ملكه لا يضام، له الكبرياء في السماوات والأرض، الذي تفرد بالعظمة والجبروت: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣)} [الحشر: ٢٣].
وهكذا يرى بقلبه شواهد جميع الأسماء الحسنى والصفات العلا، فيطمئن قلبه، ويزيد إيمانه، ويقوى يقينه، فيسهل عليه امتثال أوامر الله، ويقبل على طاعة مولاه.
وإن قام بقلبه شاهد الخلق والأمر في هذا الكون الكبير، رأى الخلاق العليم خالق كل شيء، وبيده ملك كل شيء، فالعرش شيء، والكرسي شيء، والجنة