للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغيرة غريزة تشترك فيها الرجال والنساء، بل قد تكون من النساء أشد.

وغيرة الله عزَّ وجلّ تكون من إتيان محارمه، فالمسلم الذي يطيع هواه وينقاد للشيطان ويقع في محارم الله فكأنه جعل لغيرة الله فيه شريكاً.

ولما كانت الطاعة خاصة بالله عزَّ وجلَّ، ويأبى أن يشاركه فيها غيره، كان ذلك مبعثاً لأن يستثير العاصي غضب مولاه، وغيرته عليه، وما ذلك إلا لأن ربه سبحانه لا يرضى لعبده المعصية كما لا يرضى لهم الكفر.

ومن ثم تكون الغيرة من جانب الله غيرة حقيقية على ما يليق بجلاله وكماله، ومن لوازمها كراهة وقوع العبد في المعاصي، وإشراكه غير الله في الطاعة.

قال سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: لَوْ رَأيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، والله لأنَا أغْيَرُ مِنْهُ، والله أغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنَّةَ» متفق عليه (١).


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤١٦) واللفظ له، ومسلم برقم (١٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>