والمنكح يقتصر منه على ما لا يشغله عن ربه، وطاعته، وذكره، وعبادته، والزواج من سنن المرسلين، فلا غنى له عنه إلا من علة.
وأما المركب فيتخذ ما يحتاجه؛ لئلا يضطر إلى سؤال الناس، وليستعين به على طاعة الله، فيركب بقدر حاله كما فعل إمام أهل الزهد - صلى الله عليه وسلم -، والمراكب تختلف فيركب ما تيسر بقدر حاله من دابة أو سيارة.
وأما المال والجاه فهو وسيلة إلى ما سبق، والزاهد من يزهد في ذلك، ولا يسعى لطلب المحل في القلوب، فإن زهده وعبادته تمهد له من المحل في القلوب ما يدفع به عنه الأذى ولو كان بين الكفار، فكيف وهو بين المسلمين.
وتوكله على ربه واستغناؤه بما في يده يغنيه عن الجمع والاستكثار، فلينفق لينفق الله عليه.
ومن علامات الزهد:
أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن على مفقود كما قال سبحانه: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣)} [الحديد: ٢٣].
وأن يستوي عنده ذامه ومادحه، فالأول علامة الزهد في المال، والثاني علامة الزهد في الجاه، وأن يكون أنسه بالله تعالى، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة، إذ لا يخلو القلب عن حلاوة المحبة: إما محبة الدنيا .. وإما محبة الله.
وهما في القلب كالماء والهواء في الإناء، فإذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان، وكذلك الأنس بالدنيا وبالله لا يجتمعان.
وأن تكون عبادته في الخفاء أقوى منها في العلانية.
وأن يستوي عنده التراب والذهب؛ لقوة توكله وزهده.
العطاء أحب إليه من الأخذ، غفور شكور، حليم صبور، عزيز كريم، خاشع القلب، دائم الذكر والفكر فيما يرضي الله.
ولا تتم رغبة العبد في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا، ولا يستقيم الزهد في الدنيا