السفلية إلى الإيمان والفضائل والتشريعات والأخلاق السماوية.
فإذا عكس البشر القضية وشد الأدنى الأعلى صار الجميع في المنحدر، وذلك ما يريده الشيطان وأتباعه.
وهذه الأمة أمة أمية، ونبيها أمي، والأمي كما ولدته أمه لم يأخذ ثقافته من مساويه بل أخذها من ربه الأعلى.
وإذا كان الله عزَّ وجلّ َقد حرم محمداً بالأمية من معطيات عقول البشر فقد وصله بالعلوية التي تعلم البشر، وتهدي البشر، وتملك البشر.
وأعداء الإسلام يعرفون هذا الدين، وهذا القرآن كما يعرفون أبناءهم.
يعرفون ما فيه من سلطان وقوة، وما فيه من خير وصلاح، وما فيه من أخلاق وآداب، وما فيه من سنن ونظام.
ويحسبون لهذا الكتاب ألف حساب، ويعلمون أن الأرض لا تسعهم وتسع أهل الدين.
وهم يدرسون هذا الدين دراسة دقيقة ليعرفوا كيف يبني الرجال؟ وكيف تبنى الأخلاق؟ ليقوموا بتخريب هذا البناء، ويبحثوا عن مقتل لهذا الدين كما قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧)} [البقرة: ٢١٧].
وقد اجتهدوا وبحثوا حتى خدعوا كثيراً من المسلمين، وحولوا الدين من حركة دافعة تحطم الباطل والجاهلية، وتجعل الدين كله لله.
حولوه بعد جهود وتضحيات إلى حركة ثقافية باردة، وإلى بحوث نظرية ميتة، وإلى جدال فقهي أو طائفي فارغ، ومعلومات تصدع الرؤوس ولا تزكي القلوب وحولوا العقيدة إلى مفهومات وتصورات مدمرة له، مع إيهام أهله أن عقيدتهم محترمة مصونة مع أن أجنحتها وأخلاقها تكسر في كل لحظة، وفي كل ميدان، وفي كل بلد.