ونادى عيسى - صلى الله عليه وسلم - بقوله سبحانه: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥)} [آل عمران: ٥٥].
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - سيد الأولين والآخرين، وأفضل الأنبياء والمرسلين فقد ناداه ربه بوصف النبوة والرسالة؛ تذكيراً له بعظمة الوظيفة التي أرسل بها.
وقد خير الله رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملكاً رسولاً، فاختار العبودية على الملك؛ لأنها أقرب إلى التواضع والافتقار، ولأنه إذا كان عبداً كان افتخاره بمولاه ومالكه، ويعظمه ويحمده ويثني عليه، ويتشرف بذكر أسمائه وصفاته، وآلائه ونعمه وإحسانه، وإذا كان ملكاً كان افتخاره بملكه وعبيده وأمواله.
فالعبودية لله أعظم صفة شرف له ولأتباعه، وليس عند العبد شغل أو عمل إلا امتثال أوامر سيده، وطاعته في جميع الأحوال.
ولذا قال الله عنه في مقام الوحي: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} [النجم: ١٠].