مشتركة، وذلك بفعل عوامل في ذات الإنسان، إلى جانب العوالم والعناصر التي يتعامل معها، والبيئة التي يعيش فيها.
وهنا يأتي من الكريم الرحمن رسول يرد الناس إلى فطرتهم التي كانوا عليها، يردوهم إلى طاعة ربهم وعبادته قائلاً لقومه: {يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠)} [هود: ٥٠].
وهذه الحقيقة الشرعية يقوم عليها الدين كله، ويتعاقب بها الرسل على مدار التاريخ، وعليها مدار سعادة الإنسان في كل زمان ومكان.
فكل رسول يجيء يقولها لقومه الذين اجتالتهم الشياطين عنها فنسوها وضلوا عنها، وأشركوا مع الله آلهة أخرى.
وعلى أساس ذلك تدور المعركة بين الحق والباطل، وعلى أساسها يأخذ الله المكذبين بها وينجي المؤمنين.
لقد جاءت الرسل رسولاً بعد رسول بالتوحيد الخالص، ليعرف الناس رب العالمين، ويتوجهوا له بالعبادة أجمعين.
مبينين الشعائر والشرائع التي أرسلوا بها للبشر كمنهج حياة من رب العالمين، معرفين لهم بمالهم بعد القدوم على الله يوم الدين.
وكل رسول جاء إلى قومه بعد انحرافهم عن التوحيد الذي تركهم عليه رسولهم الذي سبقه.
فبنوا آدم نشأوا موحدين لرب العالمين كما كانت عقيدة آدم وزوجه، ثم انحرفوا بفعل العوامل السابقة كما قال سبحانه في الحديث القدسي:«إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأمَرَتْهُمْ أنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا» أخرجه مسلم (١).