للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوح بالماء الذي لا يستغني عنه أحد: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦)} [فصلت: ١٦].

لقد نزل بهم العذاب الذي لا دافع له، وغضب الله المصاحب له، وانتقم الله من هؤلاء المكذبين المعاندين، وأخزاهم في الدنيا والآخرة.

وأنجى الله هوداً ومن آمن به، وقطع دابر الكافرين، وتحقق النذير مرة أخرى بعد إذ لم ينفع التذكير، وطويت صفحة سوداء من صحائف المكذبين، وبقيت العاقبة للمتقين: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢)} [الأعراف: ٧٢].

وتتوالى الأيام، وتمر الدهور، فتأتي أمة أخرى، أغواها الشيطان وأضلها عن هدي ربها، وها هي ذي نكسة أخرى إلى الجاهلية، ومشهد من مشاهد اللقاء بين الحق والباطل، ومصرع جديد من مصارع المكذبين بعد الإنذار والتبليغ، إنهم ثمود قوم صالح - صلى الله عليه وسلم -، دعاهم نبيهم صالح إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} ... [الأعراف: ٧٣].

وقبيلة ثمود كانوا يسكنون الحجر وما حوله من أرض الحجاز بين المدينة وتبوك، وقد جاءهم صالح - صلى الله عليه وسلم - بآية بينة تدل على صدق نبوته، لعلهم إذا رأوها يؤمنون به فقال لهم: {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)} [الأعراف: ٧٣].

ثم أخذ صالح - صلى الله عليه وسلم - بالنصح لقومه بالتدبر والتذكر والتفكر في مصائر الغابرين، والشكر لله على نعمة الاستخلاف بعد أولئك الغابرين قائلاً لهم: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>