للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرع، كما يكلفهم أولادهم، إذ ينشئهم الطاغوت كما شاء على ما شاء من التصورات، والأخلاق الهابطة، والتقاليد الجاهلية، فوق ما يتحكم في طريقة حياتهم ذاتها، فيصبغهم باللون الذي يريد، ويذبحهم على مذبح هواه، ويقيم من جماجمهم وأشلائهم أعلام المجد والجاه لذاته.

ثم يكلفهم أعراضهم وشرفهم، فيتحكم الطاغوت في الفتيان والفتيات، ويمهد لهم أسباب الخنا والفجور تحت أي شعار؛ ليكسب محبة أرباب الشهوات، وقلوب مرضى القلوب: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠].

والذي يتصور أنه ينجو بماله وعرضه وحياته وحياة أبنائه وبناته في حكم الطواغيت من دون الله إنما يعيش في وهم، أو يفقد الإحساس بالواقع، فلا بد من أمرين:

عبادة الله وحده .. واجتناب عبادة الطاغوت.

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].

إن عبادة الطاغوت عظيمة التكاليف في النفس والمال والعرض، ومهما تكن تكاليف العبودية لله فهي أربح وأقوم، حتى بميزان هذه الحياة، فضلاً عن وزنها بميزان الله عزَّ وجلَّ الذي له ما في السموات وما في الأرض.

إن صلاح البشرية وفسادها متوقف على من بيده زمام أمرها من الأمراء والعلماء.

فهم الذين لهم الهيمنة كل الهيمنة على أزمة الأمور، وبيدهم السلطة المطلقة في تدبير شئون الإنسانية، وتتعلق بأذيالهم نفوس الأمة وآمالها، ويصوغون الحياة كما يحبون ولو كان يغضب الله ورسوله.

فإذا كان هؤلاء الزعماء ممن يؤمنون بالله ويرجون حسابه، فلا بد لنظام الحياة بأسره أن يسير على طريق من الخير والرشد والصلاح، وأن يعود الأشرار والفجار إلى كنف الدين، وهذه وظيفة الخليفة كما قال سبحانه: {يَادَاوُودُ إِنَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>