إن الله جل جلاله مالك هذا الكون كله يصرفه كيف يشاء، وله الكبرياء والعظمة، والعزة والجبروت، والجلال والجمال، وهو العلي العظيم.
وتكاد السموات تتفطر من روعة العظمة التي تشعر بها لربها، ومن زيغ بعض أهل الأرض: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)} [الشورى: ٥].
والسموات هي هذا الخلق الهائل العظيم المرفوع الذي نراه يعلونا حيثما كنا على ظهر هذه الأرض.
هذه السموات يكدن يتفطرن من فوقهن من خشية الله وعظمته وعلوه، وإشفاقاً من انحراف بعض أهل الأرض، ونسيانهم لهذه العظمة والكبرياء التي يحسها ضمير هذا الكون فيرتعش وينتفض، ويكاد ينشق من أعلى مكان فيه.
والملائكة أهل طاعة مطلقة، وهم أولى الخلق بالطمأنينة، ولكنهم دائبون في تسبيح ربهم؛ لما يحسون من علوه وعظمته، ولما يخشون من التقصير في طاعته وحمده، بينما أهل الأرض لجهلهم ينكرون ويكفرون ويشركون وينحرفون، فتشفق الملائكة من غضب الله عزَّ وجلَّ، ويروحون يستغفرون لأهل الأرض مما يقع في الأرض من معصية وتقصير في حق هذا الإله الذي يجمع إلى العزة والحكمة العلو والعظمة، ثم المغفرة والرحمة.
أما مركز القيادة الجديدة، وموضع الرسالة الأخيرة، فهو أم القرى مكة المكرمة، وأنزل سبحانه القرآن بلغتها العربية لأمر يعلمه ويريده، والله أعلم حيث يجعل رسالته: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)} [الشورى: ٧].
لقد جاء الإسلام رحمة من الله لينقذ البشرية كلها مما وقعت فيه من انحلال وفساد واضطهاد، وجاهلية عمياء، في كل مكان معمور من الأرض.
فقد حرفت شريعة الله التي جاء بها أنبياء بني إسرائيل من قبل اليهود والنصارى،