للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدلت وأقصيت من حياة الناس.

وجاء القرآن الكريم ليهيمن على حياة البشرية، ويقودها في الطريق إلى الله على هدىً ونور كما قال الله لرسوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)} [المائدة: ٤٨].

وهكذا جاء القرآن عربياً لينذر أم القرى ومن حولها، فلما خرجت الجزيرة العربية من الجاهلية إلى الإسلام وخلصت كلها للإسلام، حملت الراية الإسلامية إلى جميع جهات الأرض، وقدمت الرسالة الجديدة والشريعة السمحة للبشرية جمعاء كما قال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} [إبراهيم: ٥٢].

أما الجهة التي يرجع إليها عند الاختلاف فهي هذا الوحي الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤٢].

القرآن الذي أنزل الله فيه حكمه القاطع وقوله الفصل في أمر الدنيا والآخرة، وأقام للناس به المنهج الذي اختاره لهم في حياتهم ومعاشهم وأخلاقهم، وبيَّن لهم هذا كله بياناً شافياً.

وجعل سبحانه هذا القرآن كتاباً جامعاً شاملاً لحياة البشر، فإذا اختلفوا في أمر أو اتجاه فحكم الله حاضر بين في هذا الوحي الذي أوحاه الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لتقوم الحياة على أساسه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)} [الشورى: ١٠].

والدين الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الدين الذي بعث الله به جميع رسله، وهو الإسلام، فالرسالة واحدة، يحملها للبشرية رسول بعد رسول كما قال سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>