للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصارت الأمم والقبائل والشعوب تتحارب وتتناحر، ويأكل بعضها بعضاً، فلا دين يحكمهم، ولا شريعة تعدل بينهم.

أما النظم التي حرفها أهل الكتاب من اليهود والنصارى فكانت تعمل على الفرقة والانهيار بدلاً من الاتحاد والنظام، وغاب الدين الحق من حياة الأمة فتاهت في الظلمات، وغرقت في بحر الشهوات.

وبين مظاهر هذا الفساد الشامل العام الطام .. فالله لا يترك خلقه بلا دين ينظم حياتهم .. ويصلهم بربهم .. ويجمع كلمتهم .. ويوحد صفوفهم.

فأكرم الله البشرية كلها ببعثه هادياً جديداً، يهدي الأمة إلى الصراط المستقيم هو محمد - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنبياء والمرسلين، الذي أرسله الله رحمة للعالمين: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران: ١٦٤].

فإن أتباع الرسل قبله قد تفرقوا من بعد ما جاءهم العلم، ولأن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم كانوا في شك منه مريب.

لهذا وذاك .. ولانتشار الفساد والظلم والفواحش .. وللتبديل والتحريف في الكتب المنزلة السابقة .. ولخلو مركز القيادة البشرية من قائد مؤمن راشد ثبت مستيقن يعرف طريقه إلى الله، ويوجه الناس إليه .. لذا أرسل الله الكريم الرحيم رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة الأخيرة الكاملة إلى الناس كافة إلى يوم القيامة كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)} [سبأ: ٢٨].

ووجه الله تبارك وتعالى إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - الأمر، وأمره أن يدعو، وأن يستقيم على دعوته، وأن لا يلتفت إلى الأهواء المصطرعة حوله، وحول دعوته الواضحة المستقيمة، وأن يعلن تجديد الإيمان بالدعوة إلى التوحيد التي شرعها الله للنبيين أجمعين فقال لهم سبحانه: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>