ألا ما أعظم هذه الأمانة .. وما أشد تبعاتها .. وما أعظم أجر من أداها .. وما أسعد البشرية التي تقبلها.
إن الله عزَّ وجلَّ بعث كل رسول بكلمة التوحيد، ولقد عرفت البشرية كلمة التوحيد من أول يوم نزل فيه آدم - صلى الله عليه وسلم - إلى الأرض.
عرفتها على لسان نوح وهود وصالح وغيرهم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم الذين لم يتصل لهم عقب يقوم على هذه الكلمة ويعيش بها ولها.
ولكن هذه الكلمة لم تستقر في الأرض إلا من بعد إبراهيم، فلما عرفتها على لسان إبراهيم ظلت متصلة في أعقابه، وله أكبر قسط في إقرار هذه الكلمة في الأرض، وإبلاغها إلى الأجيال من بعده عن طريق ذريته وعقبه: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨)} [الزخرف: ٢٨].
ولقد قام بها من بعده رسل كان منهم ثلاثة من أولي العزم وهم: موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم.
ولم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا من ذريته ونسله، وأوصى بها إبراهيم بنيه من بعده كما قال سبحانه: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢)} [البقرة: ١٣٢].
وقام عليها من بعده رسل من نسله يتصلون لا ينقطعون، حتى كان آخرهم وسيدهم وأفضلهم ابنه الأخير من نسل إسماعيل، وأشبه أبنائه به، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، محمد - صلى الله عليه وسلم -، قائل كلمة التوحيد في صورتها الأخيرة الكاملة الشاملة للبشرية كافة.
تلك الكلمة:(لا إله إلا الله) التي تجعل الحياة كلها تدور حول هذه الكلمة، وتجعل لها أثراً في كل نشاط للإنسان وكل تصور.
فهذه هي كلمة التوحيد التي جعلها إبراهيم باقية في عقبه، هذه هي تأتي إلى هذا