للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٣].

فإذاً لا بدَّ من أداء الأمانة، والقيام بالوظيفة؛ ليبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، ويدخل الإيمان كل بيت، وكل قلب، ويسمع الناس كلام ربهم، ويذكروه بألسنتهم، ويطيعوه ويعبدوه وحده لا شريك له {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} [إبراهيم: ٥٢].

ولا بدَّ من جهد بشري لإقرار حقيقة الإيمان في عالم الإنسان، هذا الجهد اختار الله له صفوة من عباده هم الأنبياء والرسل، وقلة مختارة من أتباعهم هم المؤمنون الصادقون.

اختارهم عزَّ وجلَّ لإقرار حقيقة الإيمان في الأرض، وهي أمانة لا بدَّ أن يؤدوها .. فنعم الرجال .. ونعم العمل .. ونعم الجزاء.

إن هذه الحقيقة العظيمة أكبر من الإنسان ذاته، ومن أرضه وسمائه، ومن كل هذا الكون الكبير، وقد أثبت الواقع التاريخي المتكرر أن النفس البشرية لم تبلغ إلى آفاق الكمال المقدر لها بأية وسيلة كما بلغتها باستقرار حقيقة الإيمان بالله فيها.

وأن الحياة البشرية لم ترتفع إلى هذه الآفاق بوسيلة أخرى كما ارتفعت بهذه الوسيلة، وأن الفترات التي استقرت فيها هذه الحقيقة في الأرض، وتسلم أهلها قيادة البشرية كانت قمة سامقة في التاريخ، بل كانت حلماً أكبر من الخيال، ولكنه متمثل في واقع بحياة الناس.

وقد تحقق هذا المستوى العالي من الحياة والأخلاق في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، ونالوا بذلك رضا ربهم، ورضوا عنه، وجزاهم على تلك الطاعة والعبودية الجنة كما قال سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].

إنه لا يمكن أن ترتقي البشرية ولا أن ترتفع عن طريق علم، أو فلسفة، أو فن، أو مذهب، أو نظام إلى المستوى الذي وصلت إليه عن طريق استقرار حقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>