للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان بالله في نفوس الناس، وحياتهم، وأخلاقهم.

وحين فقدت البشرية قيادة المؤمنين الصادقين لم ينفعها شيء من ذلك كله، بل انحدرت إلى أقل من مستوى البهائم الضالة.

بل انحدرت قيمها وأخلاقها، وموازينها وإنسانيتها، كما غرقت في الشقاء النفسي، والحيرة الفكرية، والأمراض العصبية، على الرغم من تقدمها الحضاري في سائر الميادين، وتمرغها في الشهوات في كل حين، وستعرض البشرية، وما زال أكثرها معرضاً عن الهدى ودين الحق، كما أعرضت عن دعوة نوح وإبراهيم، وموسى وعيسى، ومحمد وغيرهم من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)} [يوسف: ١٠٣،١٠٤].

وستذهب مع القيادات الضالة المضلة، الظالمة الكافرة، وستعذب الدعاة إلى الحق أنواعاً مختلفة من العذاب، وتنكل بهم ألواناً من النكال ابتلاءً من الله، ليعلم الله الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)} [الأنبياء: ٣٥].

ستفعل ذلك كما ألقت إبراهيم في النار، ونشرت زكريا بالمنشار، وسخرت واستهزأت، وكفرت وكذبت بالأنبياء والرسل على مدار التاريخ.

ولكن دين الله باق، والدعوة إلى الله لا بدَّ أن تمضي في طريقها كما أراد الله؛ لأنها الحل الوحيد لفلاح وسعادة البشرية إلى يوم القيامة، وهي كرامة الله للبشرية جمعاء: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران: ١٦٤].

وحسن الخلق أحسن ما يتحلى به البشر، وأعظم ما يؤثر في النفوس، فالمقصود من البعثة أن يبلغ الرسول تكاليف الله إلى الخلق، وهذا المقصود لا يتم إلا إذا مالت قلوبهم إليه، وسكنت نفوسهم لديه، وهذا المقصود لا يتم إلا إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>