حسن الأخلاق، رحيماً كريماً، يتجاوز عن ذنوبهم، ويعفو عن إساءتهم، ويصفح عن زلاتهم، ويخصهم بوجوه البر والشفقة، والإكرام والإجلال.
فلهذا وجب أن يكون الرسول أحسن الناس أخلاقاً، ليؤثر في قلوب الناس، ولأنه محل قدوة، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك كما وصفه الذي خلقه وأرسله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤].
والنبي - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والمرسلين، بعثه الله رسولاً إلى الثقلين الإنس والجن، والإنس والجن كانوا متعبدين بشرائع الرسل قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (١٣٠)} [الأنعام: ١٣٠].
وعلى هذا فيكون اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبعثة إلى الثقلين هو اختصاصه بالبعثة إلى جميعهم لا إلى بعضهم، ومن قبله كان يُبعث إلى طائفة مخصوصة منهم.
والجن كالإنس مثابون معاقبون حسب أعمالهم، وهم مأمورون بالشرائع في الدنيا، ولذلك استحقوا الدرجات في الآخرة حسب أعمالهم كما قال سبحانه: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٩)} [الأحقاف: ١٩].
والرسل مأمورون بإبلاغ ما أرسلوا به إلى الناس، فهم يتلقون الوحي من الله، ويبلغونه للناس كما قال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩)} [الأنعام: ١٩].
وكلام الله إلى البشر يتم بواحدة من ثلاث:
الأولى: الوحي الذي يلقيه الله في النفس مباشرة، فتعرف أنه من الله عزَّ وجلَّ.