أظهرها الله في الأنبياء، وأكملها في حياة سيد الأنبياء والمرسلين، فعلينا التخلق بها، ودعوة الناس إليها.
فإذا جاءت فينا الصفات والأعمال التي يحبها الله كان الله معنا، وإذا كان الله معنا فما نحتاج لأحد سواه، فلا نرجو إلا إياه، ولا نخاف إلا منه، ولا نتوكل إلا عليه، ولا نستعين إلا به، ولا نسأل إلا إياه، وهو مولانا وناصرنا: {فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)} [الحج: ٧٨].
ثم ننظر ونتفكر في العالم البشري .. وفي العالم الإسلامي .. وفي العالم الجاهلي .. لنعرف حجم العمل .. وحجم التقصير .. ونعلم مساحة الكفر .. ومساحة الإسلام .. ومقدار العدل .. ومقدار الظلم .. وحجم الصلاح .. وحجم الفساد في الأرض، ونضع العالم بين أيدينا وأمام أعيننا، ونجعل ذلك همّ قلوبنا، وشغل أبداننا، فنحن مسؤولون عن إبلاغهم الدين ومأمورون به كما قال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٥٢)} [إبراهيم: ٥٢].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أوْعَى لَهُ مِنْهُ» متفق عليه (١).
وقد بعث الله النبي - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين، وهذا الدين رحمة للعالمين، وهو حق لكل إنسان في العالم، لا بدَّ من أدائه إليه وإيصاله له، واسماعه إياه، ودعوته إليه.
إن حجم المسؤولية كبير واسع، طويل الأمد، فلا بدَّ من الفكر والعلم والعمل، وتصور أحوال الأمم في الأرض:
فكم قارة في العالم؟ .. وكم بلد في العالم؟ .. وكم مدينة في العالم؟ .. وكم قرية في العالم؟ .. وكم بيت في العالم؟ وكم إنسان في العالم؟ .. وكم كافر في
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٧)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٦٧٩).