للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوة ضعف الإيمان فجاء اليقين على المخلوقات والأسباب، وصار تعامل الناس معها بدون اللجوء إلى الله سبحانه، فأصابهم بسبب ذلك التعب والشقاء.

فكل من لم يرض بالتوجه إلى رب الأسباب وكله الله إلى الأسباب وأذله بها، ثم عاقبه على ذلك كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} [الأنعام: ٤٤].

فالله عزَّ وجلّ هو الفعال وحده لا شريك له، ولكنه أخفى قدرته وراء الأسباب امتحاناً وابتلاءً للعباد.

فالله عزَّ وجلَّ بحكمته وعلمه يفعل ما يشاء، ويظهر ما يشاء، ويخفي ما يشاء، وقد أظهر سبحانه أربعاً، وأخفى أربعاً:

أظهر المخلوقات وأخفى نفسه .. وأظهر الدنيا وأخفى الآخرة .. وأظهر قيمة الأشياء .. وأخفى قيمة الأعمال .. وأظهر الأبدان والأجساد وأخفى الأرواح والعقول.

والأمة إذا تركت الدعوة إلى الله أصيبت بآفتين: ذهاب الدين من حياتها تدريجياً حتى لا يبقى منه إلا بعض الشعائر والآداب .. وصار اليهود والنصارى أئمتها في أمور حياتها كلها.

وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرفوا حقيقة الإيمان، وقاموا بالدعوة، صار إمامَهم إمُام الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم - في جميع أحوالهم، فسعدوا وأسعدوا، فرضي الله عنهم ورضوا عنه.

وكل إنسان يملك ثلاثة جواهر:

النفس .. والمال .. والوقت ..

وقد جاد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الثلاثة، وبذلوها للدين، لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله.

وبجهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأتباعه خرج كثير من الناس من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن البدعة إلى السنة، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>