حتى يبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار، فلا تفلت منه لحظة في غير طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)} [الأنعام: ١٦٢،١٦٣].
إن كل ما يراه الإنسان من ظاهرة التمسك بالكتاب والسنة، وحسن الاستقامة، والرغبة في الدين لدى بعض الناس، إنما ذلك ثمرة جهود العلماء والدعاة المخلصين، فلا نكتفي بالفرح والنظر إلى هذه الثمار الطيبة فحسب، بل يجب أن نقوم نحن بزرع بساتين جديدة كما فعلوا حتى يعم الإسلام أقطار الأرض، فتلك أمانة تحملناها، وحق علينا يجب أداؤه لكل إنسان، حتى يكون الدين كله لله.
فالمسلم لو صام نهاره، وقام ليله، وقرأ القرآن كله في يوم، وتصدق بآلاف الريالات يومياً، فإنه لا يصل بعمله الفردي هذا إلى درجة ما يصل إليه الدعاة من الأجر والثواب.
فالدال على الخير كفاعله، حيث ينال هؤلاء الدعاة أجور المدعوين الذين اعتنقوا الإسلام، أو رغبوا فيه واستقاموا عليه بتبليغهم إياه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم (١).
فالدعاة مشاركون في أجور مئات الألوف من المصلين، والصائمين، والمجاهدين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في أنحاء العالم من غير أن ينقص من أجور المدعوين شيء.
وكما أن الله أمر بعبادته بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)} [البقرة: ٢١].