واجتهدوا وبذلوا أنفسهم وأموالهم لإعلاء كلمة الله ونشر دينه، فزاد إيمانهم، ونزلت الهداية على أهل الأرض.
وكثير من المسلمين اليوم رأوا الدنيا غالية جداً، والدين رخيصاً جداً، فقدموا أوامر الكسب على أوامر الدين، واشتغلوا عما أراد الله منهم من الإيمان والأعمال الصالحة بما قسم لهم من الأرزاق، فحصل لهم الشقاء والتعب والذلة، بسبب الإقبال على المخلوق والإعراض عن الخالق وعن أوامره.
وأفضل الأوامر {قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)} [المدثر: ٢].
وبه يحيا الدين كله، والدعوة على الله أم الأعمال، وأوامر الدعوة إلى الله أول الأوامر، وأوامر الكسب آخر الأوامر، وإذا تعارض الأمران في وقت قدمنا أوامر الدعوة على أوامر الكسب.
والصحابة رضي الله عنهم لما قدموا أوامر الجهد والدعوة على أوامر الكسب نقصت الأموال والأشياء، وبالمقابل زاد الإيمان وزادت الأعمال الصالحة.
ونحن لما قدمنا أوامر الكسب على أوامر الدعوة جاء أمران:
زادت الأموال والأشياء .. ونقص الإيمان والأعمال الصالحة، والصحابة لما قاموا بالدعوة إلى الله امتلأت قلوبهم بالإيمان وامتلأت بيوتهم بالأعمال الصالحة، وخلت من كثرة الأموال والأشياء، وانتشر الخير في العالم.
ونحن لما تركنا الدعوة إلى الله، امتلأت بيوتنا بالأموال والأشياء، وأقفرت من الأعمال الصالحة إلا من رحم الله، وانتشر الشر في العالم، وأقبل الناس على سنن اليهود والنصارى يعملون بها ويدعون إليها.
وبسبب ترك الدعوة إلى الله ضعف الإيمان، ثم ضعف العمل بأوامر الدين، فجاء فينا صفتان من صفات اليهود والنصارى:
الأولى: الاهتمام بجمع الأموال، وهذا فيه تشبه باليهود الذين غضب الله عليهم ولعنهم.