فالكفار والمعاندون يجدون في الإسلام من الحق الواضح ما يدعو إلى الإيمان، غير أنهم يكفرون لا لنقص في الدليل ولكن للهوى والمصلحة: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)} [الأنعام: ٣٣].
والبشر كلهم إلى فناء، والدين إلى بقاء، ومنهج الله في الحياة مستقل في ذاته عن الذين يحملونه ويؤدونه للناس من الرسل والدعاة على مدار الزمن.
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - رسول من عند الله، جاء ليبلغ رسالة الله إلى خلقه، فإن مات أو قتل فالله باق لا يموت، وكلمته باقية لا تموت.
وما ينبغي أن يرتد المؤمنون على أعقابهم إذا مات النبي أو الداعية الذي جاء ليبلغهم هذه الكلمة أو قتل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)} [آل عمران: ١٤٤].
فالدعوة والدين أقدم من الداعية، وأكبر من الداعية، وأبقى من الداعية، فدعاتها يجيئون ويذهبون وتبقى هي على مدى الأجيال والقرون، ويبقى أتباعها موصولين بالذي أرسل بها الرسل، وهو سبحانه باق يتوجه إليه المؤمنون في كل حال.
ومن انقلب على عقبيه فإنما هو الخاسر، وانقلابه لن يضر الله شيئاً، فالله غني عن الناس وعن إيمانهم، وسيلقى جزاءه من الشقوة والحيرة في ذات نفسه وفيمن حوله، وتفسد الحياة والأخلاق، وتعوج الأمور كلها، ويذوق الناس وبال مخالفتهم شرع الله في الدنيا قبل الآخرة: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥].
أما الذين يعرفون مقدار نعمة الدين الذي منحهم الله إياه فيشكرون الله عليه