وسنة الله جارية أن يقوم الرسول أو الداعي بالدعوة إلى الله، فيستجيب للدعوة أناس يتعرضون للأذى والفتنة من الجاهلية الحاكمة في أرض الدعوة، فمنهم من يفتن ويرتد، ومنهم من يصدق ما عاهد الله عليه فيقضي نحبه شهيداً، ومنهم من ينتظر حتى يحكم الله بينه وبين قومه بالحق، وهؤلاء يفتح الله عليهم، ويجعل منهم ستاراً لقدره، ويمكن لهم في الأرض تحقيقاً لوعده بنصر من ينصره والتمكين له في الأرض.
ليقيم مملكة الله في الأرض، وينفذ حكم الله في عباده على هذه الأرض، ويحقق مراد الله في عباده.
وليس على الرسل إلا البلاغ المبين، وليس عليهم هداية الناس، فالله وحده هو الذي يملك الهداية، وسواء حقق الله وعده لرسله من مصير القوم، أو أدركهم الأجل قبل تحقيق وعد الله، فهذا أو ذاك لا يغير من طبيعة مهمته وهي البلاغ، وحسابهم بعد ذلك على الله كما قال سبحانه: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (٤٠)} [الرعد: ٤٠].
وبذلك يتعلم الدعاة إلى الله أن يتأدبوا في حق الله .. فليس لهم أن يستعجلوا النتائج والمصائر .. وليس لهم أن يستعجلوا هداية الناس .. ولا أن يستعجلوا وعيد الله للمكذبين .. ولا أن يستعجلوا وعد الله للمهتدين .. وليس لهم أن يقولوا دعونا كثيراً فلم يستجب لنا إلا القليل .. ولقد صبرنا طويلاً فلم يأخذ الله الظالمين بظلمهم ونحن أحياء.
إن عليهم إلا البلاغ، أما حساب الناس في الدنيا والآخرة فهذا ليس من شأن العبيد إنما هو من شأن الله وحده.
والبلاغ هو القاعدة الكبرى في نشر هذا الدين، وهو عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعمل