للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يمكن أن يقف كامناً منتظراً طول الأمد، عقيدة مجردة في نفوس أصحابه، تتمثل في شعائر تعبدية لله، وفي أخلاق سلوكية فيما بينهم.

بل لا بد له مع ذلك أن يواصل الخطى لإنشاء مجتمع إسلامي متميز، يكون واقعاً مشهوداً في الحياة، وأن يزيل العوائق التي تمنعه من إقامة شرع الله في أرضه.

وما أكثر المهزومين في هذا الزمان أمام الواقع البائس لكثير من المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا اسمه.

وأمام الهجوم الماكر على أصل الجهاد في الإسلام من أعدائه.

فهؤلاء يحاولون أن يجدوا في النصوص المرحلية مهرباً من الحقيقة التي يقوم عليها الانطلاق الإسلامي في الأرض لتحرير الناس كافة من عبادة العباد، وردهم جميعاً إلى عبادة الله وحده، وتحطيم الطواغيت والقوى التي تقهرهم على عبادة غير الله، والتحاكم إلى غير شرعه.

فيقولون إن الله يقول: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)} [الأنفال: ٦١].

ويقول: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)} [البقرة: ١٩٠].

وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقد صلح الحديبية مع المشركين، وعقد معاهدة مع يهود المدينة ومشركيها، ولا عليه أن يعبد بقية البشر ما يعبدون من دون الله، ما دام هو آمناً في سربه.

وهذا سقوط تمليه الهزيمة أمام الواقع البائس، وأمام القوى المعادية للإسلام، والتي لا طاقة لهم بها، وذلك سوء ظن بالإسلام، وسوء ظن بالله سبحانه.

فهذه النصوص السابقة التي يلجأون إليها نصوص مرحلية، تواجه واقعاً معيناً، وهذا الواقع المعين قد يتكرر وقوعه في حياة الأمة المسلمة، وفي هذه الحالة تطبق هذه النصوص المرحلية؛ لأن واقعها يقرر مناسبتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>