للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجر على من اهتدى من الكفار أو تاب من العصاة.

وموكب المؤمنين مستمر في نشر الهداية بعد الرسل كما قال سبحانه: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)} [يس: ٢٠، ٢١].

والناس يسبون صاحب الدنيا ويذمون بضاعته، لكنه صابر لم يغلق دكانه، يتحمل منهم كل شيء من أجل أن يكسب من ورائهم.

وكذلك الداعي إلى الله إذا لم يتحمل الناس فإنه لا يكون سبباً لهدايتهم، فالصبر والعفو، والإحسان والتواضع، والرفق والحلم، والرحمة والشفقة، كل هذه أبواب عظيمة يدخل منها الناس إلى الإسلام.

لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة، ورجع كثير من الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها، فأشركوا مع الله أرباباً أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية، وقوانينها الأرضية.

ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد للدخول فيه، إلى إفراد الله سبحانه بالألوهية والعبودية، وتلقى منهج الحياة كله من الله وحده لا شريك له، ونبذ كل ما سواه بالدعوة إلى الله كما بينها الله ورسوله، أما الذين ينفقون أموالهم في البحوث النظرية، وفي الأحكام الفقهية التي لا مقابل لها من الواقع، فنحسب أنهم لو أنفقوا هذه الأوقات في إعادة إنشاء المجتمع المسلم الذي أن كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لنشأ عن ذلك دخول فئات في هذا الدين من جديد كما دخل الناس فيه أول مرة.

وينشأ عن ذلك خلافة راشدة، ومجتمع مسلم، ثم يحتاج هذا المجتمع معرفة الأحكام التي تنظم علاقته بربه، كما يحتاج إلى معرفة الأحكام التي تنظم علاقاته فيما بينه، وعلاقاته مع غيره.

إن الإسلام كما يأمر بالصبر والانتظار، فهو كذلك يأمر بإعداد القوة والحركة والجهاد لإعلاء كلمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>