للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوقِنُونَ (٦٠)} [الروم: ٦٠].

وقد سبقته تجارب النبيين أجمعين في حقل الرسالة، ليكون هو صاحب الحصاد الأخير، وصاحب الرصيد الأخير، وصاحب الزاد الأخير، فيعينه هذا على عبئه الثقيل الكبير.

عبء هداية البشرية جميعها .. وعبء هداية الأجيال كلها .. لا جيل واحد ولا قرن واحد كما كانت مهمة الرسل قبله، وعبء إمداد البشرية بعده بكل أجيالها وكل أقوامها بمنهج دائم ثابت صالح لتلبية ما يجدّ في حياتها من أحوال وأوضاع وتجارب.

إن مشقة الدعوة هي مشقة الصبر لحكم الله حتى يأتي موعده في الوقت الذي يريده بحكمته.

وفي طريق الدعوة مشقات كثيرة:

مشقات التكذيب والتعذيب .. ومشقات الالتواء والعناد .. ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه .. ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون .. ثم مشقات إمساك النفس عن هذا كله .. ولزومها الحق راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق .. لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق مهما كانت مشقات الطريق.

وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى عزم وصبر ومدد من الله وتوفيق، وبذلك أوصى الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل قبله بقوله:

{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (٣٥)} [الأحقاف: ٣٥].

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)} [الأنعام: ٣٤، ٣٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>