ونشر الدين يحتاج إلى خطوات المجتهدين .. وبكاء الخاشعين .. ومداد العلماء .. ودماء الشهداء .. وأخلاق الأتقياء.
وبسبب ترك الدعوة إلى الله ضعف الإيمان، وصارت الأمة تخاف من بطش الرؤساء والأمراء، ولا تخاف من بطش الله.
والمطلوب من المسلم استعمال جميع الصلاحيات والطاقات لنشر الهداية والدعوة إلى الله، ولكن الأعداء جعلوا الرجل والمرأة ماكينات للاستمتاع والشهوات، والله يريد منهما أن يكونا محلاً للإيمان والأعمال الصالحة، ونشر الهداية.
ومزاج المسلم الطاعة، وكل مشاكل العالم جميعها تعود إلى عدم الطاعة، والطاعة لا تأتي إلا بالإيمان، والإيمان لا يأتي إلا بالدعوة.
وكثير من الناس في العبادة كالصلاة يحرص على الصف الأول، وفي الدعوة لم يفكر أن يمشي خطوة فضلاً عن خطوات والتضحية بالأموال والأوقات، فمتى يظهر الحق ويزول الباطل، وتظهر الفضائل وتدبر الرذائل، وأحوال أكثر المسلمين هكذا؟.
ومتى تفتح أبواب الهداية وأكثر المسلمين قعود عن الدعوة إلى الله، مشغولون بالدعوة إلى الأموال والأشياء؟.
وبسبب ترك الدعوة إلى الله حرمنا الحزن على الكفار، ثم حرمنا الحزن على العصاة، ثم انتقلت إلينا صفاتهم.
ولما كانت الأمة قائمة بالدعوة إلى الله كان كل يوم يظهر الحق، ويزهق الباطل، ويدخل الناس في الدين، وبسبب دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة دخل الناس في دين الله أفراداً، وبعد كمال التضحية دخلوا في دين الله أفواجا كما قال سبحانه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [النصر: ١ - ٣].